الأحد، 3 أبريل 2016

أسس تطوير المنهج


أسس تطوير المنهج     بواسطة عبدالله الغفيلي 
مصطلحات الدراسة :
الأساس لغةً :
في مقاييس اللغة في كتاب الهمزة في معنى الأسّ" الهمزة والسين يدل على الأصل والشيء الوطيد والثابت فالأس أصل البناء ، وجمعه أساس ، ويقال للواحد أساس بقصر الألف ، والجمع أسس "  ابن فارس ( ت395هـ،ط1415هـ ) .

المنهج بمفهومه الحديث:
عرف المنهج بمفهومه الحديث ( الوكيل والمفتي، 1991م : ص 22 (" هو مجموعة الخبرات التربوية التي تهيؤها المدرسة للتلاميذ داخلها أو خارجها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل أي النمو في جميع جوانبه ) العقلية، والثقافية، والدينية، والاجتماعية ،والجسمية، والنفسية، والفنية ( نموا  يؤدي إلى تعديل سلوكهم ويعمل على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة" 
تطوير المنهج :
عرف تطوير المنهج ( صلاح ، وآخرون : ص111 )"عملية يقصد بها الارتقاء بجميع جوانب المنهج المراد تطويره، وبجميع العوامل المؤثرة فيه" .

أسس تطوير المنهج اصطلاحاً :
( الشافعي ، وآخرون 1411هـ: ص 11) "النظريات الفكرية والعقائد النظرية التي يدين بها واضعوا المنهج وينطلقون منها في بنائهم لذلك المنهج وفي تنفيذه".

الفرق الجوهري بين بناء المنهج وتطوير المنهج:
يختلف بناء المنهج عن تطويره في نقطة أساسية وجوهرية، ألا وهي نقطة البداية والانطلاق، فالتطوير يبدأ من شيء قائم وموجود فعلاً ، ولكن يراد الوصول به إلى أحسن صورة ممكنة، وهذا الفرق يكاد يتفق عليه جميع من كتب حول تطوير المنهج. حيث يذكر ( الوكيل والمفتي ، 2004م : ص22 ) أن عملية تطوير المناهج تختلف عن عملية بنائها اختلافا  ملموسا ، وذلك لأن عملية بناء المناهج ... تبدأ من الصفر، أما عملية تطوير المناهج فهي تبدأ من درجة معينة، ومن واقع ما، وتحدد أبعاد عملية التطوير وفقا  لنوعية وطبيعة هذا الواقع"  ( الوكيل والمفتي، 1991م :ص311 ) .
ويرى الخوالدة وعبد ، 2011م : ص 327 ) أن البناء والتطوير يتفقان في جوانب ويختلفان  " في نقطة البدء والانطلاق، فالبناء يبدأ من العدم؛ أما التطوير فيبنى على القائم أولا ، مع إدخال التعديلات والتحسينات المقصودة وفق المعطيات الجديدة..." ) .
 ويرى الباحث أن الفرق الأساسي والجوهري بين بناء المنهج وتطويره يكمن في عنصر البداية ، حيث أن التطوير ينطلق من المنهج القائم ويسعى إلى تحسينه وتجويده بناء على المستجدات والمعطيات الجديدة التي تتعلق بجميع العوامل المؤثرة في المنهج.  وتتضح بذلك من خلال استعراض العلاقة عن أسس البناء والعوامل المؤثرة فيه .

العلاقة بين أسس البناء وأسس التطوير:
يبنى تطوير المنهج على مجموعة من الأسس تتشابه إلى حد كبير مع أسس بنائه، وتنصب هذه الأسس على كل من المتعلم، والمعرفة، والمجتمع، ونظريات التعلم، إلا إن بناء المنهج يختلف عن تطويره في النقطتين التاليتين:
·       في أن البناء يكون للمنهج الجديد ، أما التطوير فيعني أن المنهج موجود بالفعل، والهدف هو التطوير والتحسين .
·       كون في البناء ويجب مراعاة أسس البناء . 
أما علاقة تطوير المنهج ببنائه فيلاحظ اتفاقهما في : وحدة الأسس التي يعتمد عليها كل منهما، واهتمامهما بكل من المتعلم وبيئة التعليم وحاجات المجتمع ونوع الخبرة التربوية والمعرفة المقدمة للمتعلم .
مع التأكيد على أن التحديث في البناء لا يعني إقامة البناء من عدم، فقد يستفيد التحديث من البناء القائم في أكثر من جانب مع الأخذ بعين الاعتبار أي طارئ تربوي حديث سواء كان معرفياً أو ثقافياً أو حتى على مستوى الخبرة التعليمية .
وبذلك يرى الباحث أنه يوجد علاقة وثيقة بين بناء المنهج وتطويره تتمثل في الكثير من النقاط المشتركة ومنها الفلسفة ولثقافة والتلميذ والبيئة والمجتمع، وجميع العناصر المكونة للمنهج.

أسس تطوير المنهج :
عند مراجعة الأدبيات التربوية من خلال ما كتبه الوكيل ( 1991م) وشوق (1995م) ومصطفى (2004م) والعجمي (2005م) وصلاح وآخرون (2007م) والعامر (1428هـ) وعطية (2009م) والخولي (2011م) توصل الباحث لمجموعة من تلخيص الأسس التي يعتمد عليها تطوير المنهج فيما يلي :

1. أن يكون التطوير  مبنياً على العملية القيمية  :
عند تطوير المنهج  لا بد أن يرتكز على المحافظة على  الأسس العقدية ، والنفسية ، والمعرفية ، والاجتماعية . و لا بد أن تراعى عند تطوير المنهج . ولعل هذا الأساس يشمل ما أشار إليه كل من الوكيل (1991م) وشوق (1995م) في أن من أسس تطوير المنهج مراعاة خصائص المتعلم وخبراته ، ومراعاة حاجات المجتمع والبيئة المحلية وأن يفي التطوير بمتطلبات التربية الإسلامية.


2ـ أن يرتبط التطوير بأهداف التعليم :
إن أي عملية لتطوير المنهج ينبغي أن تنطلق من الأهداف العامة لسياسة التعليم ، وهذه الأهداف قد يطرأ عليها شيء من التعديل والتطوير وفقاً لمعطيات العصر ، مما يترتب على ذلك ضرورة النظر فيها عند إرادة التطوير في المنهج ، كما ينبغي لعملية تطوير المنهج أن تراعى الأهداف التعليمية للمرحلة أو نوع التعليم وترتبط بهذا التطوير . ( مصطفى، 2004م : ص272).
3 أن يستند التطوير إلى فلسفة تربوية :
مع تعدد الفلسفات والنظريات الموجهة للتربية عموماً وللمنهج خصوصاً تظهر أهمية انتقاء ما يناسب البيئة والمجتمع من تلك النظريات والفلسفات لتكون منطلقاً للتطوير . ( عطية ، 2009م : ص296 ) .
4ـ أن يبنى تطوير المنهج على نتائج تقويمه :
عملية تقويم المنهج عملية مستمرة تساير المنهج في مراحل نموه من البناء مروراً بالتجريب وحتى التطبيق ، وفي كل مرحلة من مراحل عمر المنهج هناك نتائج يخلص إليها القائمون على تقويمه ، وحتى يؤتي التقويم ثماره لابد أن يأخذ بنتائجه العلمية الصحيحة ويستند عليها عند تطوير المنهج ، وقد أشار ( شوق ، 1995م : ص119 ) إلى أن تطوير المنهج يشمل ثلاث حلقات متصلة ومتتابعة هي :"الأولى : التعرف على أهداف المنهج المراد تقويمه من حيث كونها أساساً لتقويم هذا المنهج ، والثانية : عملية تقويم المنهج ، والثالثة : عملية تطوير المنهج التي تبنى على أساس نتائج التقويم .
5ـ أن يكون التطوير شاملاً  :
فالشمول هو أن لا يعنى التطوير بالمحتوى فقط ويهمل طرق التدريس وإعداد المعلم مثلاً ، ومن هنا يفضل كما يقول (مصطفى، 2004م : ص 273) " الأخذ بالمدخل الشامل في تطوير المناهج ، والذي يعني تطويراً لكل عناصر المنهج والعوامل المؤثرة فيه ، والتغاضي عن أي عنصر أو عامل في عملية التطوير ، يعني إهمال أحد جوانب العملية التعليمية ، وهو ما يؤثر سلباً على النتاجات التعليمية ".
6ـ أن يكون التطوير متكاملاً :
بعد أن يبنى التطوير على أساس الشمول لكل عناصر المنهج ، لابد أن يكون هناك تكامل بين هذه العناصر : فلا يكفي أن نطور كل عنصر من عناصر المنهج بدون أن يكون بينها رابط يعزز من متن هذا المنهج ويقوي نسيجه ، فالتكامل كما يقول الوكيل ( 1991م ، ص 147) " دائرة متصلة الحلقات كل حلقة فيها مرتبطة بما قبلها وما بعدها ، فالكتاب الدراسي مرتبط بطريقة التدريس ، وبالوسائل التعليمية ، وطريقة التدريس مرتبطة بنوعية المعلم ، ونوعية المعلم مرتبطة بمادته العلمية ، ودراساته التربوية ، وقدرته على فهم التلاميذ ... "
ومن باب التكامل يرى الباحث ضرورة التناسب في التكامل في  المحتوى والأنشطة و طرائق التدريس الحديثة و التقويم.

7ـ أن يكون التطوير متوازناً :
التوازن هو أن يتناول التطوير العناصر بصورة متكافئة ويأخذ كل عنصر ما يستحقه من الاعتبار في عملية التطوير بحيث لا يطغى عنصر على آخر ، وخاصية التوازن أو التكافؤ لا تعني بالضرورة التساوي كما يرى (شوق  1995م ، ص131) أنه "قد يحتاج المحتوى تطويراً أكثر من حاجة طرق التدريس في عملية تطوير معينة ، وفي عملية أخرى قد ينعكس الوضع فنجد أن طرق التدريس تحتاج تطويراً أكثر من حاجة المحتوى إليه . وفي كلا الحالين ينبغي الوفاء بالحاجات المطلوبة لكل عنصر ، وبهذا تتحقق خاصية التوازن المطلوبة"  .
8ـ أن يكون التطوير جماعياً :
التطوير مسؤولية الجميع ، تتجمع فيه الجهود وتتكامل فيه الخبرات ويعمل الجميع على إنجازه ، حيث يشمل جميع أفراد المجتمع سواء من يعمل في حقل التعليم ، أو التلاميذ ، وأولياء الأمور ، وحتى السياسيون ، ورجال الدين ، والاقتصاد ، والإعلام ، كل له دور في التطوير ،" ولا يقصد أنه باشتراك هؤلاء الأطراف في عملية التطوير أن لهم دوراً متساوياً مع الاخرين عند التطوير ، ولكن من خلال إتاحة الفرصة للتعبير عن رأيه وتوضيح وجهة نظره ، ثم الاستفادة منها قدر المستطاع . (العجمي،2005م : ص338 ) .
9ـ أن يكون التطوير مستمراً :
إن عملية تطوير المنهج لابد أن تكون مسايرة للتطور المستمر في شتى شؤون الحياة ، والناظر في حال العالم اليوم يجد كماً هائلاً في حجم المعارف المتجددة كل يوم ، والتي سرعان ما تصل للجميع بسبب التطور الكبير في وسائل الاتصال . كل هذا يحتم أن تكون عمليات تطوير المنهج مستمرة لا تقف عن حد ، لكن ما الحد الزمني لكل عملية تطوير ؟ كما هو معلوم ان كل عملية تطوير يصحبها ويعقبها عملية تقويم ، لذلك لابد أن تتاح الفرصة الكافية للمراجعة والتقويم ومن ثم الحكم على عمليات التطوير وما تحتاجه من تطوير جديد . ويرى ( الوكيل ، 1991م : ص 156 ) أن من الأصلح أن يفصل بين التطوير الشامل والتطوير الذي يليه فترة زمنية لا تقل عن خمس سنوات للأسباب التالية :
1.      حتى يعطى للمنهج المطور فترة معقولة للاستقرار .
2.      حتى يكون التطوير اقتصادياً .
3.      حتى يمكن الحكم على المنهج المطور بطريقة موضوعية.

إن ما تم عرضه هو أبرز ما ذكره المختصون في المناهج من أسس للتطوير حاول الباحث الجمع بين الآراء للخروج بمجموعة من الأسس التي يرى أنها تكون الأسس العامة لتطوير المنهج الدراسي ، مع المحاولة لإيجاد العلاقة والاختلاف بين أسس البناء وأسس التطوير لما وجده الباحث من علاقة تحدد معالم محاولة الوصول إليه .


المراجع

 الخولي ، محمد علي . ( 2011م ) المنهج الدراسي الأسس والتصميم والتطوير والتقييم عمان : دار الفلاح .

  شوق محمود أحمد . ( 1995م ) تطوير المناهج الدراسية . الرياض : دار عالم الكتب .

 صلاح ، سمير يونس والرشيدي ، سعد والعنيزي ، يوسف وسلامة ، عبدالرحيم . (2007م) المناهج الدراسية . الكويت : مكتبة الفلاح .

  العامر، إبراهيم بن أحمد ( 1428هـ ) تقويم عمليات تطوير المناهج الدراسية في التعليم العام للبنين بالمملكة العربية السعودية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة والخبرات العالمية المعاصرة . رسالة دكتوراه . كلية العلوم الاجتماعية ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . الرياض .

ــ العجمي ، مها بنت محمد . ( 2005م) المناهج الدراسية أسسها مكوناتها تنظيماتها وتطبيقاتها التربوية . الرياض : مطابع الحسيني .

 عطية ، محسن علي . ( 2009م) المناهج الحديثة وطرائق التدريس . عمّان : دار المناهج .

 ابن فارس ، أحمد (ت395) ( ط1415هـ) ( ط2) . مقاييس اللغة . بيروت : دار إحياء التراث العربي .

 مصطفى ، صلاح عبدالحميد . ( 2004م) المناهج الدراسية عناصرها وأسسها وتطبيقاتها . الرياض : دار المريخ .


 الوكيل ، حلمي أحمد . ( 1991م) تطوير المناهج . القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق